تسعى حكومة المملكة سعيا دؤوبا في طريق التنمية الشاملة لضمان مستقبل أفضل لأبنائها. ومن هذا المنطلق جاءت مبادرة توطين، لتحمل في طياتها سبل تمكين المواطنين السعوديين من تولي زمام العمل لأجل وطنهم.

ما هو الهدف من التوطين؟

إنطلقت المبادرة لتشكل جزءا من رؤية المملكة ٢٠٣٠، وتهدف إلى صون وتعزيز مؤسسات القطاع العام بالدولة بشكل خاص والاقتصاد بشكل عام وتوظيف الموارد البشرية المتمثلة في أبنائها وذلك عبر :

  • استحداث الوظائف وزيادة معدلات التوظيف في المهن المستهدفة.
  • تمكين الكوادر الوطنية المؤهلة للعمل في القطاعات المتخصصة لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.
  • رفع نسبة الناتج المحلي .
  • الحد من الممارسات غير المشروعة في قطاعات الأعمال والقضاء على التستر التجاري.

هل هناك فرق بين التوطين والسعودة؟ أم أنهما وجهان لعملة واحدة؟

يختلط الأمر على الكثيرين بين مصطلحي “السعودة” و”التوطين”، والحقيقة أنهما أمران مختلفان اختلافا جذرياً على صعيد سياسات كل منهما.

فسياسة التوطين ترتكز على الاستخدام الكامل والأمثل للكوادر الوطنية، بمعنى أنها تهتم بالكيف والنوع، فتضع مسميات وظيفية محددة يتطلب الوصول إليها حيازة شهادات أكاديمية بعينها، كما أنها تضع حدا أدنى للرواتب.

أما السعودة التي بدأ العمل بها عام ١٩٧٥، فتركز على نسبة توظيف المواطنين السعوديين، بغض النظرعن مهاراتهم أو مؤهلاتهم الأكاديمية، كآلية لتحقيق التوازن والحد من تدفق العمالة الوافدة وسيطرتها على قطاعات الأعمال المختلفة بالمملكة.

كيف تؤثر مبادرة التوطين على قطاع البناء والتشييد بالمملكة؟

يعد قطاع البناء في المملكة ثاني أكبر قطاع غير نفطي من حيث الإيرادات، والأعلى من حيث عدد العاملين. وبالبحث في قضية توطين هذا القطاع، تبين مواجهته لتحديات عظمى، وذلك على الرغم من المبادرات التي تم إطلاقها لدعم توطينه. 

فقد تضافرت جهود كلا من الهيئة السعودية للمقاولين، وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وزارة الإسكان، صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) ومجلس الغرف السعودية، لإطلاق مبادرة لتعزيز التوطين المستدام في قطاع البناء، ارتكزت أهدافها على توطين الوظائف الفنية والقيادية عبر استقطاب الكوادر الوطنية المؤهلة للعمل في القطاع، واستهدفت كذلك تخفيف الأعباء المالية على شركات المقاولات خلال أول عامين من بدء نشاط المنشأة.

تتبنى المبادرة آليات دقيقة للوصول إلى مساعيها عبر:

  • التنسيق بين الجهات المعنية لتمكين عملية توطين القطاع العقاري وقطاع المقاولين.
  • إصدار التشريعات واللوائح لدعم تحقيق الأهداف وزيادة معدلات التوظيف.
  • متابعة ورصد تأثير التوطين على القطاع العقاري.
  • تمكين القطاع العقاري الخاص عبر استخدام الآليات المتاحة بوزارة الإسكان.
  • تقديم برامج التمهير والتجسير ودعم التوظيف للمهن المستهدفة بالقطاع.
  • تصميم وتنفيذ خطط بشأن إعداد الخريجين للتخصصات الرئيسية بالقطاع.

كيف تدعم المبادرة أصحاب العمل/المنشآت؟

تقدم المبادرة دعما كاملا يتمثل في:

  • تقديم كافة خدمات التوظيف للباحث عن العمل مع إلغاء تكاليف الاستقطاب.
  • تأهيل المستفيدين مهنيا بما يتفق مع احتياجات صاحب العمل/المنشأة.
  • عقد دورات تدريبية تغطي الجانبين النظري والعملي للوظائف المستهدفة.
  • تقديم الدعم المالي من خلال برنامج دعم نمو التوطين الذي يتبناه صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف)، والذي يساهم عبر دفع نسبة من حصة الإشتراك الشهري في التأمينات الإجتماعية ، نيابة عن المنشآت التي تحقق نموا في أعداد الموظفين السعوديين.

أما فيما يتعلق بالقوى العاملة فإن المبادرة تدعمها من خلال:

  • رفع مهارات العاملين بالقطاع عبر إتاحة دورات تدريبية عملية ونظرية متخصصة في مجال المقاولات.
  • توظيف مجتازي الدورات التدريبية بنفس المجال الذي تم التدريب عليه وذلك بالتعاون مع وزارة التنمية البشرية.
  • جميع الدورات التدريبية مدعومة بالكامل من (هدف).
  • الحصول على شهادة معتمدة من المؤسسة العامة للتدريب الفني والمهني.

وتعقد تلك الدورات بدعم كامل من صندوق تنمية الموارد البشرية المقدم إلى الهيئة السعودية للمقاولين، وذلك بتغطية ٣٥٪ من تكاليف التدريب عقب إتمام الدورة التدريبية، و ٦٥٪ عند توظيف المستفيد واستقراره في العمل مدة ثلاثة أشهر.

للإطلاع على كافة الدورات التدريبية المقدمة للمقاولين، قم بتسجيل الدخول على منصة مقاول برامج التدريب.

على الرغم من حزمة المبادرات التي استهدفت دعم توطين القطاع، إلا أنه قد تعذر الوصول إلى النسب المرجوة من العمالة المحلية، وكشف الغطاء عن التحديات التي تواجه توطين قطاع المقاولات بالمملكة والتي انقسمت إلى:

١.عقبات تتعلق بالموارد البشرية :

  • تعذر توطين جميع الوظائف بالقطاع، لقلة الكوادر الوطنية المؤهلة ، وضعف الأجور، وامتداد ساعات العمل.
  • العمل في قطاع المقاولات ذو طابع موسمي، الأمر الذي يحدث خللاً في الإستقرار الوظيفي للعمال والموظفين .
  • معظم الوظائف القائم عليها القطاع تتعلق بالعمالة منخفضة المهارة، أو أن العاملين لم يتم تدريبهم بالشكل الصحيح.
  • عدم إقبال بعض الشباب للانضمام إلى العمل بقطاعي المقاولات والعقارات، مما جعل إيجاد مصادر بشرية تعزز مبادرة التوطين أمرا صعبا.

٢. عقبات تتعلق بأصحاب المنشآت بالقطاع الخاص :

يتوقف نجاح التوطين على إيمان أصحاب منشآت القطاع الخاص بالأهداف المرجوة منه، حيث أنه:

  • لا يتعلق بزيادة أعداد الموظفين السعوديين دون وضع مصلحة المنشأة في الاعتبار.
  •  أو أنه التزام بإحلال القوى العاملة السعودية محل عمالة الوافدين، وحتمية الامتثال للنسب الإلزامية للدخول في النطاق الأخضر لضمان الحصول على كافة التسهيلات.
  • فضلا عن مخاوفهم من تأثير تكلفة التوطين على إنتاجية وربحية منشآتهم.

وحيث أتينا على ذكر نطاقات نسب التوطين، نتناول لمحة سريعة عنها:

تصنيف ألوان نطاقات وما ترمز إليه:

  • البلاتيني: يرمز إلى المنشآت المتميزة في التوطين والتي استحقت الدخول في نطاقه.
  • الأخضر المرتفع: يرمز إلى المنشآت التي يكون متوسط نسب التوطين فيها يقع ضمن الثلث الأعلى حسب نسبة التوطين المطلوبة للنطاق الأخضر.
  • الأخضر المتوسط: يرمز إلى المنشآت التي يكون متوسط نسب التوطين فيها يقع ضمن الثلث المتوسط حسب نسبة التوطين المطلوبة للنطاق الأخضر.
  • الأخضر المنخفض: يرمز إلى المنشآت التي يكون متوسط نسب التوطين فيها يقع ضمن الثلث المنخفض حسب نسبة التوطين المطلوبة للنطاق الأخضر.
  • الأحمر: يتضمن المنشآت الأقل والتي لم تلتزم نهائيا بنسب بالتوطين.

وللحصول على خدمة الإستعلام واحتساب معامل نسبة التوطين لجميع المنشآت والكيانات، يجب زيارة الموقع الإلكتروني للموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، أو عبر منصة قوى باستخدام حاسبة نطاقات التفاعلية.

كيف يمكن لشركات البناء حل قضيتها في توطين القطاع؟

هناك عدة طرق يمكن لشركات البناء من خلالها إيجاد حل لمعالجة هذه القضية وذلك من خلال:

تبني التقنيات الحديثة

  • هناك علاقة طردية بين الحاجة إلى تبني تقنيات البناء الحديثة وزيادة أعداد القوى العاملة بالقطاع في جميع مراحل العمل، انطلاقا من مرحلة التصميم، مرورا بالتصنيع وانتهاءا بالتجميع في الموقع.
  • تتطلب هذه التقنيات مهارات فنية جديدة بمستوى أعلى من التعقيد، وهي أقل يدوية مقارنة بتقنيات البناء التقليدية، الأمر الذي يجتذب الموظفين السعوديين من ذوي التعليم الجيد وبالتالي يحسن من فرص التوطين بالقطاع.

سياسة الربح للطرفين

  • يجب تغيير نظرة أصحاب الأعمال في القطاع الخاص بشأن انعكاس آثار التوطين بالسلب على مصلحة عملهم. يجب أن يكونوا على قناعة بأن استقطاب الكوادر المحلية يصب في مصلحة منشآتهم، ويمكن تحقيق ذلك فقط عندما يسهل على القطاع الخاص إيجاد قوى عاملة تنافسية، عالية الكفاءة و برواتب مناسبة.  

ستحقق سياسة الربح للطرفين النجاح في دعم التوطين بالمملكة، فالعاملين الأكفاء والراغبون في العمل في انتظار تعيينهم، والقطاع يفيض بكوادر محلية و برواتب تنافسية.

مبادرة أرامكو نموذجا يحتذى به في التوطين

لا يوجد نموذج أفضل من مبادرة أرامكو السعودية، التي أطلقت برنامج (إكتفاء) لتعزيز قطاع التوريد، استهدفت من خلاله تنظيم ممارسة العمل الحر في المملكة، وخلق فرص عمل مميزة للمواطن السعودي، عبر منح وثيقة العمل الحر التي تقدم خدمات فريدة وداعمة.

وقد استحدث البرنامج نموذجا داعما للأعمال، أسهم في ترسيخ شراكات بين قطاعات الأعمال المحلية وشركات عالمية كبرى،  كما أنه يسهل عملية توظيف وتدريب المواطنين السعوديين ويؤهلهم لشغل وظائف هامة ورئيسية في الصناعة.

وأما على صعيد توطين قطاع المقاولات فقد استطاعت أرامكو تدريب وتأهيل ٤٠٠ شاب سعودي في جازان بمجالات اللياسة والنجارة والحدادة، مؤكدة على تطبيق الخطة في مناطق أخرى بالمملكة لتطوير القوى العاملة السعودية  بقطاع البناء والتشييد.

واستنادا إلى تجربة أرامكو، يتضح أن نجاح مبادرة توطين القطاع يتوقف على تضافر جهود كلا من أصحاب الأعمال والمواطنين السعوديين، حيث أنها مسؤولية مشتركة، خاصة وأن حكومة المملكة لم تدخر جهداً لإنجاحها.

user

user

[sc name="newsletter_form"][/sc]